سُورَةُ الْفَاتِحَة : تَرْبِيَةٌ وَبِنَاء

بناء الفرد الرباني في ختام النظم القرآني

تمهيد

تهيئةبسم الله الرحمن الرحمين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، واجعل عملنا خالصًا لوجهك، وتقبله منا يا رب العالمين، أما بعد: أعظم سور القرآن، هي السبع المثاني، وهي ركن من أركان الصلاة، وهي رقية.  فرضت قراءتها في اليوم 17 مرةً على الأقل، وهي أم الكتاب، وأم القرآن. تعددت أسماؤها، وعظم فضلها، أجملت ما في القرآن الكريم. نقدم بين أيديكم تدارس سورة الفاتحة.

تعريف

اسم السورة:فاتحة الكتاب: سُمّيت بذلك؛ لأنها تُفتتح بها قراءة القرآن لفظًا، وتُفتتح بها الكتابة في المصحف خطًّا، كما أنها يُفتتح بها الصلوات.([1])أمُّ الكتاب وأمُّ القرآن: وسُمِّيَت بذلك؛ لأنها أصل القرآن فهي تشتمل على مقاصد القرآن من الثناء على الله، والتعبد بأمره ونهيه، وبيان وعده ووعيده.([2])السبع المثاني: سُمّيت سبعًا لأن آياتها سبع، أما سبب تسميتها بالمثاني؛ فلأن آياتها ومعانيها بنيت على المثاني؛ أي ذكر شيئين بينهما تكامل أو تضاد (الله والرب، والرحمن والرحيم، والعبادة والاستعانة، ذكر المنعم عليهم ومخالفيهم، ذكر المغضوب عليهم والضالّين، وكون الصلاة قسمت بين الله وبين عبده).سورة الصلاة: وسُمِّيَت بذلك؛ لأن قراءتها واجبة في الصلاة، والصلاة متوقفة عليها.([3])القرآن العظيم: سُمّيت بذلك؛ لاشتمالها على جميع علوم القرآن.([4])سورة الشفاء وسورة الرقية: ووجه تسميتها بذلك أنها يُسْتشفَى بها ويُرْقَى.([5])سورة الأساس: وسُمِّيَت بذلك؛ لأنها أصل القرآن وأول سورة فيه، فهي كالأساس.([6])
نوع السورةسورة مكية.([7])
عدد آياتهاسبع آيات.
سبب نزولهالم يرد لها سبب
فضل السورة والآثار الواردة فيها:منها: أخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة أن النبي r قرأ عليه أُبَيّبن كعبأم القرآن، فقال: (والذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، إنها السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أُعطيته).([8])أخرج مسلم عن ابن عباسt قال: بينما رسول الله e وعنده جبرائيل، إذ سمع نقيضًا فوقه فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال: “هذا باب قد فُتِحَ من السماء ما فُتِحَ قط، قال: فنزل منه ملك فأتى النبيَّ e فقال: أبشِرْ بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبيّ قبلك، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ حرفًا منهما إلا أوتيته”([9]). أخرج الإمام البخاري عن أبي سعيد بن المعلى قال: كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله – e- فلم أجبه، فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي. فقال: ((ألم يقل الله استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم))،ثم قال لي: ((لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد)) ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت له: ألم تقل: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟ قال: ((الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته))([10]).أخرج مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله e يقول: قال الله U: “قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل…([11]).
فضل السورة والآثار الواردة فيها:منها: أخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة أن النبي r قرأ عليه أُبَيّبن كعبأم القرآن، فقال: (والذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، إنها السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أُعطيته).([1])أخرج مسلم عن ابن عباسt قال: بينما رسول الله e وعنده جبرائيل، إذ سمع نقيضًا فوقه فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال: “هذا باب قد فُتِحَ من السماء ما فُتِحَ قط، قال: فنزل منه ملك فأتى النبيَّ e فقال: أبشِرْ بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبيّ قبلك، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ حرفًا منهما إلا أوتيته”([2]). أخرج الإمام البخاري عن أبي سعيد بن المعلى قال: كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله – e- فلم أجبه، فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي. فقال: ((ألم يقل الله استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم))،ثم قال لي: ((لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد)) ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت له: ألم تقل: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟ قال: ((الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته))([3]).أخرج مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله e يقول: قال الله U: “قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل…([4]).
مناسبة السورة لافتتاح القرآن الكريم:أولًا: تشتمل محتوياتها على أنواع مقاصد القرآن الكريم، وهي ثلاثة أنواع: (1) الثناء على الله – عز وجل -، وإثبات تفرده بالألوهية، وإثبات البعث والجزاء وذلك من قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: 2] إلى قوله تعالى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: 4].(2) الأوامر والنواهي من قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5].(3) الوعد والوعيد من قوله: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ﴾ [الفاتحة: 7] إلى آخرها. ثانيًا: أنها تشتمل معانيها على جملة معاني القرآن من الحكم النظرية والأحكام العملية، فإنَّ معاني القرآن إما علوم تقصد معرفتها وإما أحكام يقصد منها العمل بها.([5])

مقصد السورة:تركز على تحقيق التوجه لله بكمال العبودية له وحده. ([1])
موضوعات السورة:حمد وثناء وتمجيد لله – عز وجل -.تعريف بالدار الآخرة (مالك يوم الدين).إخلاص العبودية لله – عز وجل – والتوكل على الله سبحانه.أقسام الناس الثلاثة من حيث العلم والعمل.

تلاوة

﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ١ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ٢ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ٣ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ٤ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ٥ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ٦ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ٧[الفاتحة: 1-7]

تفسير: (المعنى الإجمالي ومعنى الألفاظ الغريبة)

﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾
أبتدئ قراءة القرآن باسم الله مستعينًا به، (اللهِ) علم على الرب – تبارك وتعالى – المعبود بحق دون سواه، وهو أخص أسماء الله تعالى، ولا يسمى به غيره سبحانه. (الرَّحْمَنِ) ذي الرحمة العامة، الذي وسعت رحمته جميع الخلق، (الرَّحِيمِ) بالمؤمنين، وهما اسمان من أسمائه تعالى، يتضمنان إثبات صفة الرحمة لله – تعالى – كما يليق بجلاله.

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾
الثناء على الله بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، وفي ضمنه أَمْرٌ لعباده أن يحمدوه، فهو المستحق له وحده، وهو سبحانه المنشئ للخلق، القائم بأمورهم، المربي لجميع خلقه بنعمه، ولأوليائه بالإيمان والعمل الصالح.

﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾
(الرَّحْمَنِ) ذي الرحمة العامة الذي وسعت رحمته جميع الخلق،
(الرَّحِيمِ) بالمؤمنين، وهما اسمان من أسماء الله تعالى.

﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾
وهو سبحانه وحده مالك يوم القيامة، وهو يوم الجزاء على الأعمال.
وفي قراءة المسلم لهذه الآية في كل ركعة من صلواته تذكير له باليوم الآخر، وحثٌّ له على الاستعداد بالعمل الصالح، والكف عن المعاصي والسيئات.

﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾
إنا نخصك وحدك بالعبادة، ونستعين بك وحدك في جميع أمورنا، فالأمر كله بيدك، لا يملك منه أحد مثقال ذرة. وفي هذه الآية دليل على أن العبد لا يجوز له أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة كالدعاء والاستغاثة والذبح والطواف إلا لله وحده، وفيها شفاء القلوب من داء التعلق بغير الله، ومن أمراض الرياء والعجب، والكبرياء.

﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾
دُلَّنا، وأرشدنا، ووفقنا إلى الطريق المستقيم، وثبتنا عليه حتى نلقاك، وهو الإسلام، الطريق الواضح الموصل إلى رضوان الله وإلى جنته، الذي دلّ عليه خاتم رسله وأنبيائه محمد – e-، فلا سبيل إلى سعادة العبد إلا بالاستقامة عليه.

﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾
طريق الذين أنعمت عليهم من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين، فهم أهل الهداية والاستقامة، ولا تجعلنا ممن سلك طريق المغضوب عليهم، الذين عرفوا الحق ولم يعملوا به، وهم اليهود، ومن كان على شاكلتهم، والضالين، وهم الذين لم يهتدوا عن جهل منهم، فضلوا الطريق، وهم النصارى، ومن اتبع سنتهم. وفي هذا الدعاء شفاء لقلب المسلم من مرض الجحود والجهل والضلال، ودلالة على أن أعظم نعمة على الإطلاق هي نعمة الإسلام، فمن كان أعرف للحق وأتبع له، كان أولى بالصراط المستقيم، ولا ريب أن أصحاب رسول الله – e- هم أولى الناس بذلك بعد الأنبياء عليهم السلام، فدلَّت الآية على فضلهم، وعظيم منزلتهم، رضي الله عنهم. ويُستحب للقارئ أن يقول في الصلاة بعد قراءة الفاتحة: (آمين)، ومعناها: اللهم استجب، وليست آية من سورة الفاتحة باتفاق العلماء؛ ولهذا أجمعوا على عدم كتابتها في المصاحف.

تدبر وتزكية: (الأسئلة التدبرية والهدايات)

الأسئلة                           هدايات
ما وجه افتتاح القرآن الكريم بالبسملة؟أبتدئ قراءة القرآن باسم الله مستعينًا به، (اللهِ) علم على الرب – تبارك وتعالى- المعبود بحق دون سواه، وهو أخص أسماء الله تعالى، ولا يسمى به غيره سبحانه.
ومتى تشرع؟مشروعية الابتداء بالبسملة في الكتب والرسائل والخطب والمواعظ ونحوها تأسيًّا بكتاب الله تعالى؛ حيث ابتدأ الله – عز وجل – كتابه بها، وبسنة رسوله – e- فقد كان يبتدئ بها في كُتبه إلى الملوك، كما في كتابه إلى هرقل، فقد ابتدأه بقوله: (بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم). وكذا كان الأنبياء قبله كما جاء في كتاب سليمان إلى بلقيس: ﴿قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾]النمل: 29-30[([1])
ما دلالة الباء؟ وما دلالة حذف المتعلق، فلم يحدد الفعل المبدوء؟ الباء للمصاحبة، وهي بمعنى ذكر اسم الله – عز وجل – ومصاحبته في قراءة السورة، مستعينًا بالله سبحانه وتعالى.حذف المتعلق ليعم كل عمل،ولأنه موطن لا ينبغي أن يتقدم فيه سوى ذكر الله – عز وجل –لمصاحبة البسملة في كل أمورنا.
ما الحكمة من البسملة في قراءة القرآن الكريم وفي جميع الأحوال؟ذكر اسم الله عون للعبد على جميع أحواله، سبب لحصول الخير، والبركة، والحصول على مطلوبه، والنجاة من مرهوبه – بإذن الله تعالى- والسلامة من الشيطان وهمزاته وشروره، وإغاظته ودحره وطرده من أن يحول بين العبد وبين قراءته، ويوسوس له فيها، أو في وضوئه، أو أن يشاركه في أكله وشربه ودخوله وخروجه، وسائر أحواله.تذكير بالله – عز وجل -.تجديد للنية.دحر للشيطان (سُمع النبي – e- يقول: إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء. وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت. وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء).
كيف أغرس قيمة البسملة في أبنائي؟تعريفهم معنى البسملة.تعريفهم بحاجتنا إلى البسملة (أكثر من حاجتنا إلى الأكل والشرب).تعريفهم بخسارة عدم ذكر البسملة.تربيتهم على حب البسملة وقبلها حب الله – عز وجل – (من أحب أحدًا ذكره، ومن أحب شيئًا ذكره)القدوة.
ما الأعمال التي نتعلمها من الآية؟المحافظة على البسملة عند البدء في أي عمل.تعريف الناس بأهميتها وتربية الأبناء والطلاب على مصاحبتها.
ما الأعمال التي نتعلمها من الآية؟المحافظة على البسملة عند البدء في أي عمل.تعريف الناس بأهميتها وتربية الأبناء والطلاب على مصاحبتها.
ما مناسبة اقتران اسم الجلالة بصفة الرحمة دون غيرها ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾؟– دلالة على كمال ألوهيته تعالى باتصافه بالرحمة، فهو – تعالى – إله رحيم كما قال: ﴿وَإِلَٰهُكُمۡإِلَٰهٞوَٰحِدٞۖلَّآإِلَٰهَإِلَّاهُوَٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ١٦٣﴾ [البقرة: 163]، فهما يوازنان العبد بين الخوف والرجاء. – هذا يُشعر بحب الله – عز وجل – والطمأنينة لشرعه وقضائه، فهو الرحمن الرحيم بنا لا يحكم ولا يقضي إلا بخير.
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ما دلالة ال التعريف في الحمد، وما دلالة مجيئها في الجملة الاسمية؟– ال في ﴿الحَمْدُ﴾للاستغراق، أي: أن جميع أجناس الحمد ثابتة لله رب العالمين. – وجاءت جملة اسمية للدلالة على الثبوت والدوام، فله سبحانه وتعالى الحمد في جميع الأوقات والأزمان، وهو المحمود بكل حال، على ما له – سبحانه – من المحاسن والإحسان، وعلى ما له من الأسماء الحسنى والمثل الأعلى، وما خلقه في الآخرة والأولى).
ما حالنا مع الحمد؟ وهل نستشعر معناها عند حمدنا لله – عز وجل -؟
ما الفرق بين الحمد والمدح والشكر؟  المدح أعم من الحمد، والحمد أعم من الشكر. – أما بيان أن المدح أعم من الحمد؛ فلأن المدح يحصل للعاقل وغير العاقل، أما الحمد فإنه لا يحصل إلا للفاعل المختار على ما يصدر منه من الإنعام والإحسان، فثبت أن المدح أعم من الحمد. والحمد ذكر الصفات الحسنة مع المحبة، ولا يلزم المدح وجود محبة. – وأما بيان أن الحمد أعم من الشكر؛ فلأن الحمدهو الثناء المتعلق بمحاسن المحمود لا بإحسانه، وأما الشكر فهو عبارة عن تعظيمه بسبب إنعام وصل إليك. فإذا قال: ﴿الحَمْدُ لله﴾، فهذا يدل على أن العبد حمده لكونه مستحقًا للحمد لا لخصوص أنه – سبحانه – أوصل النعمة إليه، فيكون الإخلاص أكمل.
ذَكَر النبي – e– أجرَ الحمد في أحاديث كثيرة، اذكر بعضًا منها؟ما رواه أبو مسلم الأشعري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – e-: (الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك، أو عليك، كل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها، أو موبقها).- وعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – e-: (إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها). وكان نبينا محمد – e- إذا رأى ما يحب قال: (الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وإذا رأى ما يكره قال: الحمد لله على كل حال).


ما دلالة وصف الله – عز وجل – لنفسه بعد ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾بأنه ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾؟أن ربوبية الله – عزّ وجلّ – مبنية على الرحمة الواسعة للخلق، فهي ربوبية رحمة وإنعام لا ربوبية أخذ وانتقام.لأنه لمَّا كان في اتصافه بــــــ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ترهيب قَرَنَهُ بـــــ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، لما تضمن من الترغيب؛ ليجمع في صفاته بين الرهبة منه والرغبة إليه، كما قال تعالى: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيم* وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾]الحجر:50[، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله – e- قال: (لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد).
قال تعالى: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ما أنواع رحمة الله -عز وجل-؟ وما الفرق بينها؟رحمة الله – تعالى – لخلقه على نوعين: رحمة عامة ورحمة خاصة. – الأولى: رحمة عامة لجميع الخلق، المؤمنين والكافرين وسائر المخلوقات، قال تعالى: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا﴾]غافر:7[. -الثانية: رحمة خاصة بالمؤمنين يدلُّ عليها قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾]الأحزاب:43[. ولم يرد في النصوص تخصيص اسم الرحمن بالمؤمنين ونحوهم، بل ورد ذلك في اسم الله – عز وجل – (الرحيم).

في كلمة ﴿مَالِكِ﴾ قراءتان وهي (ملك ومَالِك)، وفي الجمع بينها زيادة في المعنى، بيّن ذلك.في الجمع بين القراءتين فائدة عظيمة؛ وهي أن مُلْكَه – جلَّ وعلا – مُلْك حقيقي؛ لأن مِن الخلق مَن يكون مَلِكًا، ولكن ليس بمالك، ومِن الناس مَن يكون مالكًا، ولا يكون مَلِكًا: كعامة الناس، ولكن الرب – عزّ وجلّ – مالكٌ ملِك ([1])
علامَ يدل إضافة الملك إلى يوم الدين دون غيره، مع أنه تعالى مالك الدنيا والآخرة ومليكهما؟  لأن في ذلك اليوم يظهر للخلق تمام الظهور كمال ملكه وعدله وحكمته، وانقطاع أملاك الخلائق، حتى إنه يستوي في ذلك اليوم الملوك والرعايا والعبيد والأحرار.([2]) قال تعالى: ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ﴾ ]الفرقان:26[، وقال تعالى: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ ]غافر:16[، وعن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله – e- يقول: (يقبض الله الأرض، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض؟).([3])

ما الأسلوب التربوي الذي نتعلمه من تقديم صفات الله ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ على ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾؟أسلوب الترغيب والترهيب، وخاصة في الدعوة إلى الله – عز وجل -. وأن يقدم الترغيب على الترهيب، إلا إذا اقتضت الحكمة عكس ذلك، فقد جاء في الحديث: (إن رحمتي سبقت غضبي).([1]) وقال – e-: (بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا).([2])
ما العمل الذي نأخذه من هذا الأسلوب التربوي؟توخي اللين والرفق في الدعوة إلى الله – عز وجل – والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقديم الترغيب على الترهيب ما لم يقتضِ المقام غير ذلك.
ما دلالة تقديم المفعول إياك وتكراره في قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾؟قُدم المفعول وهو إياك وكُرِّر؛ للاهتمام والحصر، والدين كله يرجع إلى هذين المعنيين، وهذا كما قال بعض السلف: الفاتحة سرّ القرآن، وسرها هذه الكلمة ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾  فالأول تبرؤ من الشرك، والثاني تبرؤ من الحول والقوة والتفويض إلى الله – عز وجل -. ([3])
ذكرت الاستعانة بعد العبادة في قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ مع أن الاستعانة من العبادة، فما دلالة ذلك؟– من باب تقديم العام على الخاص، واهتمامًا بتقديم حق الله – تعالى – على حق عبده([4]). – ومن باب تقديم الغايات على الوسائل، إذ العبادة غاية العباد التي خلقوا لها، والاستعانة وسيلة إليها.([5]) – ولئلّا يعجب بعبادته، وليعلم أنها بعون الله وتوفيقه.([6])

كيف نعالج أمراض الرياء والعجب والكبر من خلال الآيات؟– إخلاص العبودية لله – عز وجل – فقوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ يقِي العبد بإذن الله من النظر إلى غير الله – عز وجل- ويبعده عن الالتفات إلى غيره، وتكرار العبد لهذه الآية الكريمة تذكير لنفسه بنبذ الرياء وتحري الإخلاص لله – عز وجل-. كما أن الاستعانة الدائمة بالله تشعر العبد بضعفه وحاجته وفقره إلى الله – عز وجل -، وأنه لا توفيق إلا بالله وحده سبحانه، وهذا علاج لعجب العبد بنفسه وقدراته وذكائه وغير ذلك. لذلك كان علاج الرياء بـــ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ وعلاج الكبر بـــ﴿إِيَّاكَ نستعين﴾.
هل استشعرنا أنه من دون ربنا وتوفيقه لن يتحقق لنا مرادنا ولن نبلغ بغيتنا؟
قال تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ الهداية نوعان، ما هما؟    – النوع الأول: هداية البيان والدلالة والإرشاد، وهذه الهداية عامة لكل الناس، ويقوم بها الرسل عليهم السلام ومن حَمَل لواءَهم، قال تعالى: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾] الإنسان:3[. – النوع الثاني: هداية التوفيق، وهذه خاصة بمن شاء الله تبارك وتعالى، قال تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص:56[.
ما المقصود بالهداية في دعاء الفاتحة؟والهداية في قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ تشمل نوعي الهداية؛ أي بيّنْ لنا ودُلّنا وأرشدنا إلى الصراط المستقيم، وألهمنا ووفقنا فيه وثبتنا عليه.([1])
في قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ عُدّي فعل الهداية بنفسه دون حرف معين كــ(إلى) أو (في)، فما دلالة ذلك؟فعل الهداية إذا عُدِّي بحرف تعيَّن معناه وتخصَّص بحسب معنى الحرف؛ فإذا عُدِّي بـــ(إلى) تضمن الإيصال إلى الغاية المطلوبة، وإذا عُدِّي باللام تضمن الاختصاص والتعيين، فإذا عُدِّي بنفسه كما في قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ تضمن ما يجمع ذلك.([2]) فيشمل اهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط؛ فالهداية إلى الصراط لزوم دين الإسلام وترك ما سواه من الأديان، والهداية في الصراط تشمل الهداية إلى جميع التفاصيل الدينية علمًا وعملًا.([3]) وتشمل الثبات على الصراط.

ما العلاقة بين هداية العبد والتزامه الصراط المستقيم في الدنيا وسيره على الصراط في الآخرة؟  على قدر ثبوت قدم العبد على هذا الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار، يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم – أعاذنا الله منها -، وعلى قدر سيره على هذا الصراط يكون سيره على ذاك الصراط، فمنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالطّرف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كأشدّ الركاب، ومنهم من يسعى سعيًا، ومنهم من يمشي مشيًا، ومنهم من يحبو حبوًا، ومنهم المخدوش المسلّم، ومنهم المكردس في النار، فلينظر العبد سيره على ذلك الصراط من سيره على هذا، حذو القذّة بالقذّة جزاءً وفاقًا ﴿هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ ]النمل:90.[([1])
أسندت الأفعال إلى النون الدالة على الجمع في ﴿نَعْبُدُ﴾، ﴿نَسْتَعِينُ﴾، ﴿اهْدِنَا﴾ فما الحكمة من ذلك؟– دلالة على أن العبادة أحسن ما تكون في جماعة المؤمنين.([2]) – مشروعية دعاء المسلم لإخوانه المسلمين حين يدعو لنفسه.([3])
﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ ما مناسبة افتتاح الأدعية في القرآن الكريم بهذا الدعاء؟أنه أنفع دعاء للعبد يجمع له خيري الدنيا والآخرة.

تضمنت سورة الفاتحة نوعي الدعاء، وَضّح ذلك؟تضمنت السورة نوعي الدعاء، وهما: – دعاء العبادة: وهو الثناء على الله – عز وجل – وذكره. – دعاء المسألة: وهو طلب الحوائج من الله – عز وجل -، وهو في قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾.([1])
علّم الله عباده في هذه السورة كيفية سؤاله ليكون ذلك مدعاة للإجابة، وَضّح ذلك؟لمَّا كان سؤال الله الهداية إلى الصراط المستقيم أجلّ المطالب ونيله أشرف المواهب، علّم الله عباده كيفية سؤاله، وأمرهم أن يقدموا بين يديه حمده والثناء عليه، وتمجيده ثم ذكر عبوديتهم وتوحيدهم، فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم: توسّل إليه بأسمائه وصفاته، وتوسّل إليه بعبوديته. وهاتان الوسيلتان لا يكاد يُرَدُّ معهما الدعاء.([2]) ونظير هذا دعاء النبي – e- الذي كان يدعو به إذا قام يصلي من الليل، رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس: (اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض، ولك الحمد أنت قيم السماوات والأرض، ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن، أنت الحق، ووعدك الحق، وقولك الحق، ولقاؤك الحق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت)([3])، فذكر التوسل إليه بحمده والثناء عليه وبعبوديته له، ثم سأله المغفرة.([4])

ذُكر الصراط المستقيم مفردًا معرّفًا تعريفين، فعلامَ يدل ذلك؟ذكر الصراط المستقيم مفردًا معرفًا تعريفين، تعريفًا باللام وتعريفًا بالإضافة، وذلك يفيد تعينه واختصاصه، وأنه صراط واحد، وأما طرق أهل الغضب والضلال فإنه سبحانه يجمعها ويفردها، عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: (خط لنا رسول الله – e- خطًّا وقال: هذه سَبيل الله، ثم خط خطوطًا عن يمينه وعن يساره وقال: هذه سبل، على كل سبيل شيطان يدعو إليه، ثم قرأ قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾.([1]) ([2])
قال تعالى: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ من هم الذين أنعم الله عليهم؟هم المذكورون في سورة النساء في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عليهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا *ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عليمًا﴾ ]النساء:69-70[.
ما دلالة إسناد النعمة إلى الله -عز وجل -؟1. تذكيرًا بحاجة العبد إلى الهداية، وأنها من الله وحده سبحانه، ويشهد له قوله تعالى: ﴿مَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ…﴾ [الأعراف: 186]، ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ٥٦﴾ [القصص: 56]. 2. تنبيهًا على أنَّ الهداية نعمة عظيمة من الله – عز وجل -. 3. أنَّ الهداية هي أعظم نعمة، فمن هُدي فهو في نعمة عظيمة أيًّا كان حاله، ومن ضل فهو فاقد للنعمة، مهما كانت رفاهيته وملذاته في الدنيا.
رسالةالهداية نعمة من الله – عز وجل -، فهل اجتهدنا في بذل أسبابها؟

ما الوسائل العملية التي آخذ بها للاهتداء؟دعاء الله – عز وجل – في الفاتحة وغيره (اللهم اهدنا لأحسن الأقوال والأفعال لا يهدي لأحسنها إلا أنت …).صدق النية في طلب الهداية: مراجعة النية وتصحيحها: هل أنا حقًّا أطلب الهداية أم متعصب لرأيي.عدم التعصب للباطل، فلا يأخذني الكبر والعناد.التفكر في آيات الله الكونية والشرعية.التفكر في السنن والاعتبار والاتعاظ.مصاحبة الصالحين.اتخاذ قدوة صالحة.
كيف نصحح مفهوم القدوة خاصة لدى الشباب؟  القدوة حاجة فطرية، وتكمن خطورتها في اتباع المقتدِي للمقتدَى به في أغلب تفاصيل حياته، ولذلك كان من الأهمية بمكان توجيهها وخاصة في النشء والشباب وذلك بـــــــ: بيان الصالح للاقتداء، وهو من أنعم الله عليه بالهداية.أنَّ الكافر لا يكون أهلًا للاقتداء به مطلقًا مهما بلغ شأنه في الدنيا، فهو إما ضال أو مغضوب عليه. وهذه قيمة تحتاج بحثًا عن وسائل مناسبة لغرسها في النفوس، والقرآن الكريم أفضل دليل على ذلك. ………………………………………………………
قال تعالى: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾كل من اليهود والنصارى ضال مغضوب عليه، فما دلالة تخصيص اليهود بالغضب والنصارى بالضلال؟  المغضوب عليه ضال عن هداية العمل، والضال مغضوب عليه لضلاله عن العلم الموجب للعمل، فكل منهما ضال مغضوب عليه، ولكن تارك الحق بعد معرفته أولى بوصف الغضب وأحق به، ومن هنا كان اليهود أحق به، وهو متغلّظ في حقهم كقوله تعالى فيهم: ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾] البقرة:90[، والجاهل بالحق أحق باسم الضلال، ومن هنا وصف النصارى به في قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾ [المائدة:77].([1])

ما مناسبة تقديم ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ على ﴿الضَّالِّينَ﴾ في الآية؟أنه يقدم الأشد فالأشد، فقدم الله – تعالى – المغضوب عليهم على الضالين؛ لأنهم أشد مخالفة للحق، فإن المخالف عن علم يصعب رجوعه بخلاف المخالف عن جهل.([1])
هل يختص وصف المغضوب عليهم والضالين باليهود والنصارى؟لا يختص هذان الوصفان باليهود والنصارى، بل كل من شابههم فله قسط من هذا الوصف، قال سفيان بن عُيَيْنَة – رحمه الله -: “كانوا يقولون: من فسد من العلماء ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من العباد ففيه شبه من النصارى”. وكان السلف يقولون: “احذروا فتنة العالم الفاجر، والعابد الجاهل؛ فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون”([2])
ما دلالة إسناد النعمة إلى الله وإضافتها إليه في قوله: ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾، وإضافة الغضب لما لم يُسمّ فاعله في قوله: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾؟في إسناد النعمة إلى الله تعالى، وإضافتها إليه في قوله: ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ إشارة إلى تفرده بالإنعام وتكريم المنعم عليه، وفي حذف فاعل الغضب في قوله: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ﴾ إشارة إلى أن الغضب عليهم لا يختص به تعالى، بل ملائكته وأنبياؤه ورسله يغضبون لغضبه، كما أن في ذلك إشعارًا بإهانة المغضوب عليهم وتحقيرهم.([3])

ما فائدة مجيء (لا) قبل ﴿الضَّالِّينَ﴾ في قوله: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾؟جيء بها لتأكيد النفي؛ لئلّا يُتوهم أنه معطوف على الذين أنعمت عليهم، وللتفريق بين الطريقتين؛ ليُتجنب كل منهما، فإن طريقة أهل الإيمان مشتملة على العلم بالحق والعمل به.([1])
ما أقسام الناس بحسب معرفة الحق والعمل به؟ينقسم الناس إلى ثلاثة أقسام: إما أن يكون العبد عالمًا بالحق، أو جاهلًا به. والعالم بالحق إما أن يكون عاملًا بموجبه أو مخالفًا له. فالعالم بالحق العامل به: هو المنعم عليه، وهو الذي زكّى نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح. والعالم به المتبع هواه: هو المغضوب عليه. والجاهل بالحق: هو الضال.([2])
في السورة صفات للمربي الناجح. اذكر بعضًا منها..مربٍ (الرعاية والعناية بمن يقودهم)
.الرحمة
.الحلم
.الحزم
.التواضع
.التوكل على الله – عز وجل -.
الإخلاص لله – عز وجل -.
.العمل
.أن يكون قدوة لمن معه.
.الجزاء (أن يجازي المحسن ويحاسب المسيء).
.العدل
.المتابعة والمراقبة
.التوجيه.

    اذكر بعضًا من القيم التي تغرسها سورة الفاتحة.من القيم التي تغرسها سورة الفاتحة: حب الله – عز وجل – والتعلق به ومناجاته.
العزة بعبادته فهو رب العالمين.
التوكل على الله.
الإخلاص.
العدل.
الرحمة.
الصبر والرضا.
المراقبة.
الحمد والثناء والشكر.
العلم.
العمل.
الثبات.
الهداية.
قيمة الخوف والرجاء.
القدوة.
وحدة الأمة.
التواضع.
هل استشعرنا أهمية سورة الفاتحة؟سورة الفاتحة مناجاة بين العبد وربه، فهل نستشعر حمدنا وثناءنا وتمجيدنا حين نقرؤها في صلواتنا؟ ثم هل نستشعر ونستحضر جواب الله لنا؟هل استشعرنا رحمة الله بنا؟هل شعرنا بالعزة بعبادتنا لرب العالمين؟هل تفكرنا في فقرنا وحاجتنا إلى معونة الله – عز وجل – لنا وتوفيقنا في كل أمورنا فنتواضع للخلق؟.